وفي رواية في مسند أحمد عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ » | قَالَ فَوَالَّذِى نَفْسُ أَبِى الْقَاسِمِ بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ فعليك أن تحذر المعاصي ،وأن تتوب إلى الله منها ،وأن تجتهد في إحسان ظنك بربك، وأنه سبحانه الجواد الكريم، الغفور الرحيم، الذي يغفر لعباده الموحدين المؤمنين ،ويتجاوز عن سيئاتهم ،كما أنه سبحانه شديد العقاب لمن تساهل في حقه ،وارتكب معصيته، فتكون بذلك قد أحسنت الظن بالله ،مع الحذر من المعاصي ،والتوبة إلى الله منها ، وعدم الغرور، وعدم الأمن من مكر الله عز وجل |
---|---|
عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ أي: ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين دائر عليهم، حائق بهم، والمعنى: أن العذاب والهلاك الذي يتوقعونه للمؤمنين واقعان عليهم نازلان بهم | قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر، قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرًا أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطر من غير تعمد لتحصيله، ثم صرفه في الحال، فليس بكافر، ولا شيء عليه |
و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و يظن سوءً بأقوال الآخرين و أفعالهم و يري خياله حقيقة و يرتب أثراً عليه.
س: قول بعض السلف: ما أظن أن الله يغفر للمأمون إدخاله كتب اليونان؟ الشيخ: كل هذا ما يجوز | وكان سلمان عنده خادم يسلمه هذه العظام فيعدها عليه حتى يحفظ نفسه من أن يسيء الظن بخادمه |
---|---|
أنه من الضروري أن تتفكر أن الله لن يظلمك ما دمت تُحسن الظن به، وتقوم بالعمل الصالح الذي يقربك من الله وجنته، ويبعدك عن الله ويقربك من ناره، وتبتعد أنت عن ظُلم الآخرين | فبادر هداك الله إلى تقوى الله ولن ترى من ربك إلا ما يسرك بإذنه تعالى |
فلو كان معوَّل حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه، فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته، وقد باء بسخطه وغضبه، وتعرض للعنته، ووقع في محارمه، وانتهك حرماته؟ بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع، وبدل السيّئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة، ثم حسّن الظن، فهذا هو حسن ظن، والأول غرور، والله المستعان.
12